الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

العلاقات الجنسية العلنية للعزاب والتعزير في النص المقدس

العلاقات الجنسية العلنية للعزاب والتعزير في النص المقدس

تحدثنا في المقال الأول عن أنواع الفواحش ، وهي كل ممارسة جنسية خارج إطار الزواج أو ملك اليمين ، فقد ورد في القرآن الكريم نوعين من عقود الأنكحة : ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ 29 إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ [المؤمنون: 6]  و [المعارج: 30] ، فهناك طريقين للمعاشرة الجنسية بطريق مشروعة بعقد نكاح زواج أو عقد نكاح ملك يمين ، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ ﴾ [النساء:25] ، فمن لم يستطع أن يعقد عقد نكاح زواج فيسمح له بعقد نكاح ملك يمين . وسبق أن تحدثنا عن الفرق بين الزواج وملك يمين ونلخص الحديث عنه في كون عقد نكاح الزواج هدفه بناء أسرة وإنجاب أطفال وله أحكام السكن والنفقه والإرث والطلاق والعدة ، أما عقد نكاح ملك اليمين فهدفه فقط المعاشرة الجنسية وليس بناء أسرة ولا إنجاب أطفال وليس فيه سكن ولا نفقه ولا إرث وعند الانفصال العدة حيضة واحدة أو 45 يوم . ومن صوره قديماً ﴿ [وَأَنْكِحُوا ]الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ [وَإِمَائِكُمْ] ﴾ [النور: 33] ، نكاح الإماء ملك يمين و ﴿ فَمَا [اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ] فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ﴾ [النساء 24 :]  ، نكاح المتعة ملك يمين ، ومن صوره اليوم عقود نكاح ( "زواج" المسيار ( و ("الزواج" العرفي ) و ( "زواج" فريند ) وصيغ " البوي فريند والجيرل فريند " في الغرب وصيغ " خويي وخويتي " في الخليج ، لو انطبقت عليها الشروط : من إيجاب وقبول " طلب ارتباط وموافقة عليه " ، وإعلان ، وأجر من الشاب ، وعدة على الفتاة عند الإنفصال [ راجع الكتاب الأول " أنواع الارتباط " من ثلاثية الجنس في الوحي  متوفر على المدونة وتويتر ]







وتم تعريف الزنا كونه الخيانة بعد إحصان وعقد نكاح، وشرحنا أنواع الممارسات الجنسية التي تقع من العزاب : المخادنة والمسافحة والبغاء ، وأن فهم النص المقدس تم الابتعاد عنه بسبب الروايات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم [ راجع مقال أنواع الجنس المحرم  ]
 


في المقال الأول تم الحديث أنه لا حد على العزاب بمعنى عقوبة محددة منصوص عليها ، سنتعرض هنا لمناقشة آيات الفاحشة المعنية بعقوبة تعزيرية للعزاب ، حيث أن الزنا ورد  فيه " حد " أي عقوبة منصوص عليها عند الحديث عن المحصنين ، أما الغير محصنين فقد وردت آيات شاملة تحكي عن الفواحش  والعقوبات تعزيرية ، لكن كتب التفسير بجرة قلم جعلت تلك الآيات منسوخة وبقيت مجرد تقرأ للتلاوة دون اعتماد تفعيلها .
﴿ وَالَّلاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَــــ ــاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً * وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا * إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [ النساء : 15-17]
هذه الآيات من الآيات الإشكالية عند الحديث عن الفاحشة وهناك اختلاف وخلاف في كتب التفاسير في فهم هذه الآيات ومعنى الفاحشة ومعنى ﴿ وَالَّلاتِي ﴾ ﴿ وَاللَّذَانَ ﴾ وسوف نلخص الأقوال في الآراء المتعددة في كتب التفاسير بحسب تعريفهم للفاحشة التي تعني أي فعل بالتراضي بين طرفين :




مناقشة آيات الفاحشة
-  [[ وَالَّلاتِي ]] اسم موصول لجمع المؤنث في المقابل في الآية التي بعدها [[ وَاللَّذَانَ ]] اسم موصول للمثنى المذكر .
-  [[ يَأْتِينَ ]] + [[ يَأْتِيَانِهَا ]] هناك إشارة لطيفة تم إيرادها في التفاسير يجدر ذكرها  : " وأصل الإتيان والآتي المجيء، تقول: جئت البلد وأتيت البلد، وجئت زيداً وأتيته، ويجعلون مفعولهما حدثاً فيكونان بمعنى الفعل، ومنه في المجيء قوله تعالى حكاية عن صاحب موسى:{ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً }ى[الكهف: 74] وقوله تعالى:{ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً }[مريم: 89] واستعمال الإتيان في الزنا واللواط هو الشائع كما ترى في الآيات عن قوم لوط وحينئذ يكون مفعوله حدثاً كما في الآية التي نفسرها وما بعدها، ويكون شخصاً كما في قوله:{ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ } [الآعراف: 81] " [ تفسير المنار : محمد رشيد رضا ] " { يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } أي يفعلنها يقال: أتيت أمرا قبيحا، أي فعلته قال تعالى:{ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً }[مريم: 27] وقال:{ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً }[مريم: 89] وفي التعبير عن الاقدام على الفواحش بهذه العبارة لطيفة، وهي أن الله تعالى لما نهى المكلف عن فعل هذه المعاصي، فهو تعالى لا يعين المكلف على فعلها، بل المكلف كأنه ذهب اليها من عند نفسه، واختارها بمجرد طبعه، فلهذه الفائدة يقال: إنه جاء إلى تلك الفاحشة وذهب اليها، إلا أن هذه الدقيقة لا تتم إلا على قول المعتزلة. " [ الرازي ] .
-       ﴿ [[ الْفَاحِشَةَ ]] مِن نِّسَائِكُمْ فَــ  ـاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ﴾ مطلب الشهود الأربعة عند الحديث عن فاحشة " اللاتي " مطلب كذلك عن فاحشة " اللذان " والتقديم والتأخير أمر تقبله اللغة فقدم عدد الشهود هناك وتم تأخير التوبة هنا . عند وقوع الفاحشة - هي أي ممارسة جنسية بين طرفين بالتراضي - يؤكد طلب الشهود بأنه لا عقوبة إلا عندما تكون العملية علانية وعند عدم توفر الشهود ليس لأحد حق إيقاع العقوبة التعزيرية هنا . فمن يقوم بـ " فاحشة " فهو ارتكب ذنب ومعصية ولا تستحق العقوبة إلا بوجود الشهود الأربعة . (( { فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ } أي اطلبوا أن يشهد عليهن { أَرْبَعةً مِّنْكُمْ } والخطاب للمسلمين كافة لأنهم متكافلون في أمورهم العامة وهم الذين يختارون لأنفسهم الحكام الذين ينفذون الأحكام ويقيمون الحدود. )) [ محمد رشيد رضا ] ، (( يعني: من المسلمين، وهذا خطاب للحكام، أي: فاطلبوا عليهن أربعةً من الشهود، وفيه بيان أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة من الشهود. )) [ البغوي ] ، ﴿ فَـ [[ ـاسْتَشْهِدُواْ ]] عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ﴾ هنا الآية تطلب أن يستشهد أربعه من المسلمين ولم تحدد رجال – كما قال السيد سابق – أم نساء . والقول استشهدوا أي هو طلب من المجتمع أن يدفع بأربعة للشهادة على مشاهدة الممارسة الجنسية في المحكمة حتى تقع العقوبة . والسؤال هل طلب الاستشهاد [[ ـاسْتَشْهِدُواْ ]] بأربعة يعني وجود أكثر من أربعة شاهدوا الممارسة الجنسية أي أن الممارسة الجنسية تمت في العلن والحد الأدنى وجود أربعة شهود شاهدوا تلك الممارسة ، أم أن [[ ـاسْتَشْهِدُواْ ]] يقصد بها التنقيب عن كل ممارسة ثم السماح بتلك بالممارسة الجنسية بوجود الأربعة حتى يتقدموا للمحكمة ، أم التجسس على من يمارس العملية الجنسية وإيجاد أربعة متجسسين ؟!  الشهادة يجب أن تكون على رؤية المواقعة الجنسية كاملة . فإن وجد أربعة للشهادة فالممارسة علانية ، فإنه تتم العقوبة على الفاحشة وإن لم يستكمل العدد بأربعة فالعقوبة لا تقع .


-       [[ الْفَاحِشَةَ ]] : هناك أنواع من الفاحشة واقتصار التفاسير على فهم الفاحشة على نوع الاسم الموصول كان خطأ كبير ، فلم يتم ذكر الفاحشة إلا بعد أن حاولوا تفسير الاسم الموصول ، ودون النظر إلى أنواع الفواحش ، ثم بعدها يتم النظر في هذه الآية لمحاولة فهمها : فقد ذكر في القرآن أربع أنوع من الفواحش وهي ( المخادنة والمسافحة ، البغاء ، الزنا) والخلط  في جعل كل فاحشة يقصد بها الزنا ، وعدم تحرير معنى الزنا ، كان خطأ كبير في كتب التفاسير، وكل ما سبق من أنواع الفواحش هي ما يتم بالتراضي بين طرفين بالغين ، ولا تشمل التحرش الجنسي ولا الاغتصاب .


#الملاحظ أن في نفس سورة النساء ذكرت نوع من أنواع الفواحش فقد ذكر المخادنة والمسافحة واستخدمت صيغة المؤنث : ﴿ [[ مُحْصَنَاتٍ ]] غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ بينما في سورة المائدة تم استخدام صيغة المذكر عن تلك الفواحش﴿ [[ مُحْصِنِينَ ]] غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ﴾ فالمخادنة والمسافحة فواحش تشمل الجنسين الأنثى والذكر  ، وذكرت فاحشة أخرى هي البغاء ﴿ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ [[ تَحَصُّنًا ]] ﴾ والبغاء عرف تاريخياً بأنه أمر خاص في الأنثى ، كما تم ذكر فاحشة الزنا  ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ .. وَالَّذِينَ يَرْمُونَ [[ الْمُحْصَنَاتِ ]] ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾ وهنا فاحشة الزنا تشمل الذكر والأنثى ، وذكرنا سابقاً في أنواع الفواحش أن المخادنة والمسافحة والبغاء فواحش تخص الأعزب والعزباء بينما الزنا هو الخيانة الزوجية : ﴿ [[ مُحْصَنَاتٍ ]] غَيْرَ  ﴾ ﴿ [[ مُحْصِنِينَ ]] غَيْرَ ﴿ إِنْ أَرَدْنَ [[ تَحَصُّنًا ]] ﴾ فالأعزب والعزباء غير محصنين بعقد نكاح فالآيه ﴿ [[ مُحْصَنَاتٍ ]] غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ تحث العزباء على الإحصان بعقد نكاح وألا تكون مخادنة ومسافحة ، والآية الثانية ﴿ [[ مُحْصِنِينَ ]] غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ﴾ تجيز الزواج من الذين أوتو الكتاب وتطلب من الأعزب أن يتحصن بعقد نكاح وألا يكون مخادن أو مسافح ، والآية الثالثة ﴿ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ [[ تَحَصُّنًا ]] ﴾ تحكي عن العزباء المكرهة على البغاء التي ترغب بالإحصان بعقد نكاح . وكل تلك الأنواع من الفواحش لا يوجد حد عليها وهذه الآية تحكي عن هذه الأنواع . أما فاحشة الزنا فالزنا خاص بالمحصن والمحصنة بعقد نكاح والزنا يعني الخيانة الزوجية وذكر به حد صريح في آية النور ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ .. وَالَّذِينَ يَرْمُونَ [[ الْمُحْصَنَاتِ ]] ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾ .

فهم النص يبدأ من فهم أنواع الفاحشة ومن كون الآيات تفسر بعضها البعض ، فالفاحشة التي يرتكبها " اللذان " يجب توفر الشهود الأربعة بها ، من يرتكب الفاحشة من " اللاتي " باب التوبة والمغفرة مفتوح . والفواحش ذكرنا أنواعها ويجب استبعاد فاحشة الزنا كونها مخصصة بالمحصنين والخيانة الزوجية وتم تحديد الحد والعقوبة في سورة النور وبحسب ترتيب السور فإن النساء وردت قبل سورة النور فذكرت عقوبة الفواحش في النساء ثم خصصت سورة النور فاحشة الزنا والخيانة الزوجية بحد وعقوبة محددة .
الفاحشة في سورة النساء تختص بغير المحصنين : لنحاول فهم النص بعد تعداد الفواحش : ( المخادنة والمسافحة ) ( البغاء ) ونضيف إليها ما فهمه مجاهد ولأصفهاني ومن تابعهم مثل السيد سابق وعدنان إبراهيم وغيرهم عن ممارسة الجنس ( الأنثى مع الأنثى ) و ( الذكر مع الذكر ) : وأشار إلى ذلك أيضاً  السيوطي وأعاد مقولته محمد رشيد رضا : (( { وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ } أي يأتيان الفاحشة وهي هنا الزنا في قول الجمهور واللواط في قول بعضهم وعليه أبو مسلم والأمر معاً في قول(الجلالين) )) [ تفسير المنار  ]


#إذا من خلال الجدول يشترك الذكر والأنثى بمجموعة من الفواحش وتزيد الأنثى في فاحشة البغاء ، ومن هنا يمكن تلخيص ما سبق في :


عقوبة الرجال :
-       ﴿ وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
اللذان المقصود بها الرجل الذي يمارس الجنس مع امرأة أو الرجل الذي يمارس الجنس مع رجل عقوبتهما الإيذاء ، فما معنى الإيذاء  : (((( .. والإيذاء ليس جسدي : هل تعلم أن كلمة " أذى " في اللغة عربية معناها ضرر وأذية إما جسدية أو معنوية . لكن في القرآن الكريم معناها أذية معنوية نفسية فقط . ولو تتبعت كلمات القرآن لانتبهت أن قبل كلمة أذى قول أو اتهام أي اعتداء لفظي يؤثر تأثير نفسي لا جسدي . فمثلا يقول الله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ [[ لَا يَضُرُّكُمْ ]] مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ أي لن يستطيع ضال على وجه الأرض أن يضركم ضرر جسدي مادي إن اهتديتم ، وفي آية أخرى يقول الله تعالى ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ أي أن الصبر والتقوى لا تسبب ضرر مادي لكم نهائيا مهما كان كيد الكائد .. هذا يعتمد طبعا على معنى الصبر والتقوى في القرآن وليس في اللغة العربية  . لكن في آية أخرى قال ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا [[ أَذًى ]] ﴾  )) [ أحمد عماره ]
الإيذاء مجرد عقوبة نفسية وليس بها ضرر جسدي : ((فقال بعضهم: ذلك الأذى، أذى بـالقول واللسان، كالتعيـير والتوبـيخ )) [ الطبري ] ،(( اتفقوا على أنه لا بد في تحقيق هذا الايذاء من الايذاء باللسان وهو التوبيخ والتعيير، مثل أن يقال: بئس ما فعلتما، وقد تعرضتما لعقاب الله وسخطه، وأخرجتما أنفسكما عن اسم العدالة، وأبطلتما عن أنفسكما أهلية الشهادة. واختلفوا في أنه هل يدخل فيه الضرب؟ فعن ابن عباس أنه يضرب بالنعال، والأول أولى لأن مدلول النص إنما هو الايذاء، وذلك حاصل بمجرد الايذاء باللسان، ولا يكون في النص دلالة على الضرب فلا يجوز المصير اليه. ))[ الرازي ] ، ((  { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ } أي: لا تعنفوهما بكلام قبيح بعد ذلك؛ لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له )) [ ابن كثير ] ، (( وعن مجاهد وقتادة والسدي تفسيره بالتعبير والتوبيخ فقط )) [ محمد رشيد رضا ]

ومما تذكره كتب التراث نقلاً عن فقه عمر بن الخطاب (ر) حول الإيذاء : (( لواطة : تعريفها : اللواطة وطء الرجل الرجل في دبره ....عقوبتها : كان عمر يرى أنه ليس في اللواط حد معين ، وأن أمر العقوبة فيها يخضع لاجتهاد القاضي ، فهو يقدر العقوبة الرادعة ... في مصنف عبدالرزاق أن أول من اتهم بالأمر القبيح – أي اللواطة – على عهد عمر ، فأمر عمر بعض شباب قريش ألا يجالسوه . [ في الهامش : عبدالرزاق 11/243 و كنز العمال برقم 13649 ] )) [ محمد رواس قلعه جي :  موسوعة فقه عمر بن الخطاب : لواطه ص 761 ]
عقوبة النساء :
-       ﴿ وَالَّلاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ ﴾ من تأتي الفاحشة من النساء : 1- المرأة التي تمارس الجنس دون مقابل مادي " مخادنة أو مسافحة " . 2- المرأة التي تمارس الجنس بمقابل مادي " بغاء " . 3- المرأة التي تمارس الجنس مع امرأة . .
-       العقوبة :  أي امرأة من تلك الأصناف الثلاثة بعد توفر الشهود الأربعة تكون تلك الفاحشة علانية وهو مما تستحق العقاب عليه ، والعقاب ﴿  فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ ﴾ العقوبة هي الإمساك ووضعها تحت الملاحظة في البيت وليس هناك أي عقوبة أو ضرر جسدي  والإمساك في البيت لا يعني منعها بتاتاً من الخروج إنما يجب أن تكون تحت المراقبة ومداومة البقاء في البيت . ﴿ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ﴾ يمكن تشبيه هذه الآيه بـ آية ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ  ﴾ [يوسف : 24 ] فالنبي يوسف هم بها لولا أن رأى ربه ، فكان هنا استدراك بأنه رأى برهان ربه فتكون نتيجة الاستدراك أنه لم يهم بها بسبب رؤية برهان ربه . وكذلك هنا ( حتى يتوفاهن الموت أو يجعل لهن سبيلا ) هنا استدراك بوجود السبيل قبل الموت : والسبيل الإحصان أو التوبة ﴿  فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا * إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ.. ﴾ فمثلما تحدثنا عن كون الشهود الأربعة مطلب في الفاحشة التي يرتكبها " اللذان " وإن تقدمت في الفاحشة التي ترتكبها " اللاتي " ، كذلك التوبة وإن ذكرت متأخره هنا إلا أن الآيات تتابعت في الحديث عنها ، فمن تفعل الفاحشة من " اللاتي " فإن تابت وأصلحت فالتوبة تلغي عقوبة الإمساك في البيت . ﴿  إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا




معنى الإمساك ؟ : ﴿ الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَـــ [[ ــإِمْسَاكٌ ]] بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ .. وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَـــ [[ ــأَمْسِكُوهُنَّ ]] بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ [[ تُمْسِكُوهُنَّ ]] ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ ﴾ [ البقرة : 229 – 231 ] ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَـــ [[ ـأَمْسِكُوهُنَّ ]] بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [ الطلاق : 2 ]
إمساك المرأة في بيت الزوجية لا يعني حبسها ووضعها تحت الإقامة الجبرية ، إنما تبقى في بيت الزوج وتحت إشرافه وكذلك النساء يتم امساكهن في البيوت : بمعنى بقاؤهن في بيوت أهلهن وتحت إشرافهم فالنساء قصد بهن غير المتزوجات من البكر أو الثيب كانت مطلقة أو أرملة .

لماذا اختلفت العقوبات بين النساء والرجال ؟!  لأن الوظيفة الاجتماعية في تلك الفترة تجعل من الرجل هو العامل المنفق على البيت بينما المرأة مكانها البيت ولا تنفق على أحد [ راجع المقال السابق : الجندر  ] 


وكل منصف ومتأمل في طلب الشهود الأربعة من قبل النص المقدس ، يفهم أن هذا الطلب هو حماية للمرأة أولاً التي كانت تقتل بمجرد الشبهة ، وحماية للممارسات الجنسية التي تحدث بالتراضي ، فلا تكون العقوبة الدنيوية مستحقة إلا بشرط تعجيزي :

ترتيب الفاحشة بين العزاب من حيث الجرم تم تصنيفها كالتالي : ممارسة الجنس بين الذكر والأنثى أعظم جرماً لأن هناك اختلاط أنساب . ثم يلي ذلك ممارسة الجنس بين الذكر والذكر ، فليس هناك اختلاط أنساب لكن بسبب الإيلاج جعل أكثر جرماً من ممارسة الجنس بين الأنثى والأنثى . [ أنظر ابن حزم في المحلى بالآثار ، والسيد سابق في فقه السنة ، وخطبة عدنان إبراهيم " لا رجم في الإسلام " ] . [ للمزيد انظر الكتاب الثاني " أنواع الجنس المحرم " من ثلاثية الجنس في الوحي ، متوفر على المدونة وتويتر ]
أبو إلياس سويد @sweid1

ليست هناك تعليقات: