الاثنين، 9 فبراير 2015

الله والإنسان : الدين سلوك

الله والإنسان : الدين سلوك 

لا أحب الاستشهاد بالتاريخ ولكن كي نقدم فكرة عن التغير الحاصل في الفكر الديني نأخذ هذا النص (عن سعيد بن المسيب وقعت الفتنة الأولى يعني مقتل عثمان فلم تبق من أصحاب بدر أحداً ثم وقعت الفتنة الثانية يعني الحرة فلم تبق من أصحاب الحديبية أحداً  ) [ البخاري : الصحيح ] وقعة الحرة كانت بتاريخ 63 هـ ، أي خلال جيل واحد تم تصفية كل الشهود على الدين الجديد ،وتم تأسيس مفاهيم أخرى غيرت الكثير من مفاهيم النص المقدس وحرفت معانيه . وما يهمنا هو النص المقدس فقط وما يوافقه من معنى يستقيم معه من الروايات .

نبدأ بمفهوم الإيمان وقد قال تعالى :" يَا أَيُّهَا [الَّذِينَ آمَنُوا] إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَ[[لَا تَقُولُوا]] لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ [[السَّلَامَ]] لَسْتَ [[مُؤْمِنًا]] تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ  [ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ ] فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا  إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا  " [ النساء : 94 ]
الخطاب موجه للمؤمنين بمحمد ص وتحذير لهم أنه إذا خرجتم في الأرض والتقيتم بمن يبذل السلام لكم ، لا تقولوا له أنك لست ( مؤمناً ) من أجل أن تعتدوا وتأخذوا مغانم منه ، هو مؤمن مادام كان إنساناً مسالماً ، فالمؤمن من أمنت جانبه ، وكذلك كنتم مؤمنين مسالمين قبل الدين الجديد ، ويستقيم مع هذه الآية قول النبي :" المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم " [ الألباني : صحيح النسائي وصحيح الجامع] .
فهذا هو تعريف المؤمن لغة في النص المقدس وهو من يكون مأمون الجانب من كل الناس ومصدر للأمان ، لذا نجد في بعض الروايات تنفي صفة الإيمان لمن يعتدي على الآخرين كما في قول النبي ص " ‏"‏لا يسرق السارق وهو مؤمن، ولا يزني الزاني وهو مؤمن، الإيمان أكرم على الله من ذلك‏"‏‏.‏[ رواه البزار ] . فالسرقة اعتداء على الآخرين وبهذا ينتفي جانب الأمان وكذلك الزنا في الخيانة الزوجية هو اعتداء على حق طرف آخر فينتفي جانب الأمان . والإيمان العقدي بنبوة محمد ص وفعل الطقوس يتضمن الجانب اللغوي ، فمن يعتدي على الآخرين لن تنفعه طقوسه ، وقد قال النبي ص : " "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال:" إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا و ضرب هذا فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار". [ مسلم والترمذي ] . فالمؤمن هو من يأمنه الناس ، والآخر أكثر قداسة من طقوسك التي تؤديها ، فتنتفي عنك صفة المؤمن إذا قمت بإيذاء الآخرين ، وهذه هي رسالة الآديان منذ آدم الذي كان هدفه إيقاف سفك الدماء . ويمكن فهم الكثير من الآيات وفق هذا المفهوم ففي قوله تعالى : " إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ [[ مُجْرِمًا ]] فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ  * وَمَن يَأْتِهِ [[ مُؤْمِنًا ]] قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ" [ طه : 74 -75 ] ، لاحظ المؤمن ضده المجرم ، والمؤمن أتى مقترن فعل العمل الصالح ، والعمل الصالح غير الطقوس والفرائض ، قال تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا [ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ] وَ [ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ ] لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " [ البقرة : 277 ] فعمل الصالحات ليس هو آداء الطقوس بل هو ممارسة وسلوك أخلاقي وهو المحك الحقيقي ، قال تعالى " لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ [[مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ]] وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً * [[ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ ]] مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ [مُؤْمِنٌ ] فَأُوْلَـئِكَ [[ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ]] وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً " [ النساء 123-124 ] فليس المهم أن تكون من أتباع محمد ص ولا من أتباع اليهود أو المسيحيين ناهيك عن الطوائف داخلها ، المهم هو العمل : عمل السوء له العقاب وعمل الصالحات له الثواب ، وقال تعالى :" وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ [ الْمُجْرِمُونَ ] نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا [[ نَعْمَلْ صَالِحًا ] إِنَّا مُوقِنُونَ " [ السجدة : 12 ] ، هذا هو الفرق بين المؤمن والمجرم العمل ،  يقول تعالى :" وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * ... إِنَّ الَّذِينَ [[ أَجْرَمُوا ]]  كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ [[ آمَنُوا ]] يَضْحَكُونَ * " [ المطففين : 1- 29 ] الإجرام سلوك منه ما ذكرت السورة والخداع في البيع ، والإيمان سلوك وعدم غش الناس وظلمهم ، وقال تعالى :" وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ  كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ " [ الأنعام : 55- 56 ] ، لاحظ الإيمان عمل وسلوك = وإذا حدث خطأ عن جهل + يجب التوبة + ثم إصلاح الخطأ . وهو عكس سلوك المجرمين . فالمؤمن يحدده سلوكه لذلك نجده في هذه المعاني ابتداء من قول النبي ص " " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " إلى الأقوال الأخرى الخاصة بالسلوك "" إن سوء الخلق ليفسد العمل ، كما يفسد الخل العسل " و " وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " وقوله لـ إبنة حاتم الطائي الذي يعبد المسيح ع " يا جارية هذه صفة المؤمنين حقا " و" أحب للناس – كل الناس ما تحب لنفسك " و " والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم " و " والله لا يؤمن جار لا يأمن جاره بوائقه " و " الإيمان بضع وستون باباً ، أدناها إماطة الأذى عن الطريق " و " النظافة من الإيمان " .


مفهوم الإسلام قال تعالى : " قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا  قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ  وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا  إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " [ الحجرات : 14 ] ، هنا الأعراب في عام الوفود 9 هـ تدعي أنها آمنت وينفي النص عنها صفة الإيمان كمعتقد في القلب ، ويثبت لها صفة الإسلام وهو إلقاء السلاح وإعلانها السلام وتوقف الحرب . وقريش قبل ذلك ممن أعلن السلام وتوقف الحرب ، ودخل الإسلام تحت هذه الصفة ولم يؤمنوا : " لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ [ لا يُؤْمِنُونَ ] " [ يس : 6-7] . وهذا المعنى اللغوي في الإسلام مذكور في قول النبي ص " "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده "[ أحمد والألباني صحيح النسائي والجامع] . فالمسلم هو من كان مسالماً ولا يؤذي كل الناس بلسانه ولا يضرهم بيده . وتشرح هذه الآيه كون الإسلام سلوك " وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ * .... أَفَنَجْعَلُ [ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ] *مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * " [ القلم : 10 – 36 ] ، ولا تطع ولا تتبع  كل[حلاف مهين]يقسم لتسويق أهدافه [هماز مشاء بنميم] يؤذي الآخرين بلسانه [مناع للخير] يمنع الفضائل [معتد أثيم] ويعتدي على الآخرين [عتل بعد ذلك زنيم] غليظ وفوق ذلك لئيم ..أفنجعل [[المسلمين]] كـ[المجرمين] لا يمكن مساواة الإنسان المسالم سلوكاً بالمجرم الذي يؤذي ويعتدي على الآخرين .

في نفس سياق الحديث عن الإجرام هناك حديث عن التقوى " يَوْمَ نَحْشُرُ [[ الْمُتَّقِينَ ]] إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا  * وَنَسُوقُ [[ الْمُجْرِمِينَ ]] إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا * " [ مريم: 85-86 ] ، الإجرام هو إلحاق الأذى بالآخرين فما هو تعريف التقوى ، قال تعالى :" وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ[[ التَّقْوَى ]] وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ و [[َلْعُدْوَانِ ]] " [ المائدة : 2 ] فالتقوى تعريفها كف الأذى والإجرام هو العدوان " وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا  ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * " [ آل عمران : 75 – 76 ] فالوفاء بالعهد تقوى وسلوك والخيانة سلوك عدوان وإجرام . فالتقوى هي أن تكف الأذى عن الآخرين وقول اتقي الله تعني كف شرك عن الآخرين والعرب تقول اتقي شر من أحسنت إليه ، فالتقوى تعني كما سبق جعل بينك وبين النار وغضب الله وقايه بعدم الأذى والعدوان . وهنا مستوى التفاضل بين البشر " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ [[أَتْقَاكُمْ]] " [ الحجرات : 13 ] .
التقوى هي هدف العبادة " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ [[ تَتَّقُونَ  ]] " [ البقرة : 21 ] . فالعبادة سلوك للوصول إلى التقوى وعدم أذى الآخرين ، وقال تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ  " [ الذاريات : 56 ] ، وليست العبادة طقوس قال تعالى :" إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا [ فَاعْبُدْنِي ]  وَ [ أَقِمِ الصَّلاةَ ] لِذِكْرِي " [ طه :14 ] نجد أن العبادة غير إقامة طقوس الصلاة ،والعبادة وصفت في أكثر من موضع أنها الصراط المستقيم : " إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ " [ آل عمران : 51 ] و " وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ " [ مريم : 36 ] و " إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ " [ الزخرف : 64 ] و " وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ " [ يس : 61 ] . فما هو الصراط المستقيم ، قال تعالى : " قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [ الأنعام : 151 -153 ]
وآية الصراط المستقيم ختمت ب لعلكم تتقون تماماً كما ختمت آية اعبدوا ربكم لعلكم تتقون ، فالعبادة سلوك وهي الوصايا العشر في الأديان هدفها الأول الإنسان ونهايتها عدم إيقاع الأذى والضرر بالآخرين ، وهي من كان لها الوعيد الشديد لمن يترك تلك العبادة ، بينما الطقوس وهي تربية وجدانية روحية ليس عليها عقوبات وتهديد ووعيد :

في الختام لا بد أن نتعرض لمصطلح الكفر ، فالإسلام سلوك والإيمان سلوك والعبادات سلوك والتقوى سلوك ، والكفر لغة هو الجحود والإنكار عن معرفة وعلم وقصد بعدما تبينت له الحقيقة وقامت عليه الحجه ، أما من لم يقتنع أو لم يتضح له الدين أو وصلته مشوهة فلا يطلق عليه كافر ، فلا الملحد والوثني ولا البوذي والهندوسي ولا اليهودي والمسيحي كفار . ومن اتضحت له الحقيقة وكفر بها فليس الله محتاج لإيمان أحد ، قال تعالى :" وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ " [ آل عمران : 97 ] .  وعند تتبع الآيات نجد أن الكفر يكون مشكلة عندما يتحول إلى سلوك وتكفر النعم ويظلم الإنسان وتعلن الحرب وتسفك الدماء ، وتختل موازين العدل التي هي أساس رسالات الأديان وأهداف الرسل ، قال تعالى : " لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ " [ الحديد : 25 ]

ليست هناك تعليقات: