السبت، 20 سبتمبر 2014

أنواع الجنس المحرم ( الفواحش )





هل هناك حد "عقوبة" في الممارسات الجنسية على العزاب ؟!
" أنواع الجنس المحرم : عودة الأمور إلى نصابها "

﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [النمل:54] ، تم استخدام مصطلح الفاحشة للتعبير عن الممارسات الجنسية الخاطئة والمحرمة ومنها ما كان يفعله قوم لوط ، واستخدم القرآن الكريم هذا المصطلح في سياق استخدامه للتعبير أيضاً عن الممارسة الجنسية بين الرجل والمرأة ، وذكر أنواع تلك الممارسات التي تتم بالتراضي بين طرفين وهي : المخادنة والمسافحة والبغاء والزنا . وقد حذر الله سبحانة وتعالى من ممارسة كل الفواحش ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [الأنعام:151]  . ووصف أصحابها ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور:19]  ، ويبقى مجال التوبة مفتوح دائماً ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران:135]  .
لنتعرف على أنواع الفاحشة والحدود - العقوبات - المفروضة على من يفعل تلك الفواحش ، ونسبق ذلك بالتعرف على معنى الإحصان : فقد ورد في القرآن بمعاني عدة :
1-    إحصان الفرج ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا [التحريم:12] ، وهنا قرينة الإحصان مضافة إلى الفرج .
2-   الإحصان بالعفة والإيمان عند الحديث عمن يرغب بعقد نكاح ﴿ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم ﴾  [النساء:25] ، و ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ .. [المائدة:5] ، وهنا قرينة الإحصان الحث على نكاح هؤلاء العفيفات وإضافة الإيمان .
3-   ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء ﴾ [النساء:24] ، الإحصان بالزواج إن لم يكن هناك قرينة تصرف المعنى عن ذلك ، فقد ذكر تحريم المحصنة ( المتزوجة ) ضمن المحرمات لمن يرغب بالنكاح ﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء ..22 حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ  أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ..23 وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء .. ﴾24 [النساء: 22-24 ] .
 نأتي لتعريف أنواع الفواحش ونبدأ بالمخادنة والمسافحة : ﴿ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ﴾  [المائدة:5] ، و ﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾  [النساء:25] ، وسياق الآيات يتحدث عن الحث على الإحصان بعقد نكاح وعدم ممارسة المسافحة أو المخادنة ، فالخطاب موجه للأعزب والعزباء :
1-   المخادنة : وهي الممارسة الجنسية التي تحدث في السر ووجود عشيق واحد فقط ، ويحكي فخر الدين الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب وابن عادل الحنبلي في تفسيره اللباب في علوم الكتاب أن العرب لا تسمي المخادنة زنا .
2-   المسافحة : وهي الممارسة الجنسية مع أكثر من شخص ، ويقصد بها تعدد العلاقات والممارسة مع كل من يتم الاتفاق معه ، ويصبح صاحب هذا الفعل مشهور بتعدد علاقاته .
وتحدثت الكثير من التفاسير في كون العرب قبل الإسلام لا تعتبر المخادنة خطأ بل هي أمر مباح وحلال ، بينما تعتبر المسافحة خطأ وأمر محرم . ونذّكِر بأن المخادنة والمسافحة هي ما يفعله الأعزب الغير محصن بعقد نكاح .

3-   البغاء : ﴿ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  ﴾ [النور:33] . البغاء يقصد به ممارسة الجنس بمقابل مادي ، والتي لم تحصن بعقد نكاح ، فالحديث عن العزباء ، ويرى أبو حنيفة وكذلك رواية عن عمر بن الخطاب أنه لا حد في البغاء ولا يسميه أبو حنيفة زنا [ أنظر المحلى لابن حزم : المستأجرة للزنا] ، ولا أعلم هل من المناسب ذكر أن نكاح المتعة عند السنة يعد نكاح فاسد إلا أن المذاهب الأربعة أيضاً لا تسميه زنا . وتحدثت الآيات عن المكرهة على فعل ذلك من قبل من يملك سلطه عليها ، أو ربما المجتمع الذي أجبرها على ذلك بسبب ظروفها ، والمكرهة مغفور لها ، بينما من تمارس البغاء بدون إكراه فهي تمارس فاحشة وهي معصية وذنب .
4-   الزنا : عند الحديث عن الزنا لا بد من شرح أنواع عقود النكاح :
ورد في القرآن الكريم نوعين من عقود الأنكحة : ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ 29 إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ [المؤمنون: 6] و [المعارج: 30] ، فهناك طريقين للمعاشرة الجنسية بطريق مشروعة بعقد نكاح زواج أو عقد نكاح ملك يمين ، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ ﴾ [النساء:25] ، فمن لم يستطع أن يعقد عقد نكاح زواج فيسمح له بعقد نكاح ملك يمين . وسبق أن تحدثنا عن الفرق بين الزواج وملك يمين ونلخص الحديث عنه في كون عقد نكاح الزواج هدفه بناء أسرة وإنجاب أطفال وله أحكام السكن والنفقه والإرث والطلاق والعدة ، أما عقد نكاح ملك اليمين فهدفه فقط المعاشرة الجنسية وليس بناء أسرة ولا إنجاب أطفال وليس فيه سكن ولا نفقه ولا إرث وعند الانفصال العدة حيضة واحدة أو 45 يوم . ومن صوره قديماً ﴿ [وَأَنْكِحُوا ]الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ [وَإِمَائِكُمْ] [النور: 33] ، نكاح الإماء ملك يمين و ﴿ فَمَا [اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ] فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ﴾ [النساء: 24] ، نكاح المتعة ملك يمين ، ومن صوره اليوم عقود نكاح ( "زواج" المسيار ) و ("الزواج" العرفي ) و ( "زواج" فريند ) وصيغ " البوي فريند والجيرل فريند " في الغرب وصيغ " خويي وخويتي " في الخليج ، لو انطبقت عليها الشروط : من إيجاب وقبول " طلب ارتباط وموافقة عليه " ، وإعلان ، وأجر من الشاب ، وعدة على الفتاة عن الإنفصال [ راجع الكتاب الأول " أنواع الارتباط " من ثلاثية الجنس في الوحي ].

ملك اليمين : ﴿ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ .. ﴾ [النساء :25] .
من لم يستطع أن يتم عقد نكاح زواج فليعقد عقد نكاح ملك يمين ممن هي محصنة بالعفة والإيمان ﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ محصنات بعقد نكاح " لا مسافحة " متخذه أكثر من عشيق " ولا مخادنة " متخذه عشيق في السر ﴿ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ فإذا أحصنت بعقد نكاح ملك يمين ، وبعد ذلك قامت بفاحشة ، فإن العقوبة هي نصف عقوبة المحصنات بعقد نكاح الزواج . وهنا العديد من النقاط المهمة فإن من لم تحصن بعقد نكاح ملك يمين وكانت مسافحة أو مخادنة فإنه لاحد عليها ، وبتعبير الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير (وهذه الآية تحيّر فيها المتأوّلون لاقتضائها أن لا تحدّ الأمة في الزنى إلاّ إذا كانت متزوّجة ) ويقصد أن لا تحد غير المحصنة بعقد نكاح ملك يمين والذي عبر عنه بالزواج بالأمة . حث القرآن على الإحصان بعقد نكاح زواج وتكوين أسرة ، ومن لم يستطع فليحصن بعقد نكاح ملك يمين ، ومن لم يحصن بعقد نكاح ملك يمين فإنه لا حد عليه ، وفي الآية لا حد على غير المحصنة بعقد نكاح ملك يمين وبذلك قال : ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وأبو الدَّرْدَاء وعكرمة وطاوس وعطاء وابن جريج والحسن وقتادة وأبو عبيد القاسم بن سلام وداود بن علي الظاهري في رواية عنه ورواية عن عمر بن الخطاب [ انظر : تفاسير البغوي ، ابن كثير ، ابن عادل ، الشوكاني ، الشنقيطي ] . ونعود ونسأل هل المقصود في "المحصنات" هن المحصنات بالزواج أم المحصنات بالعفة : في الآية ورد مصطلح المحصنات ﴿ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى [الْمُحْصَنَاتِ] مِنَ الْعَذَابِ ﴾ [النساء:25] والآية التي قبلها ﴿ [ وَالْمُحْصَنَاتُ] مِنَ النِّسَاء ﴾ [النساء:24] فسرت في الآية 24 بالمتزوجات ، بينما هناك من فسر المحصنات في الآية 25 بالمحصنة بالعفة ! ، والسبب هو تحديد العقوبة بالنصف لأنه في السائد المحصنات المتزوجات عقوبتهن الرجم وهو لا ينصف !، وقد ذكر أبو ثور أن العقوبة هي نصف عقوبة المتزوجات وهو نصف الرجم ! حيث قال : (( فإذا أحصن، فإن عليهن نصف ما على المحصنات المتزوجات، وهو الرجم، وهو لا ينصف، فيجب أن ترجم الأمة المحصنة إذا زنت ، وأما قبل الإحصان، فيجب جلدها خمسين  )) [ انظر : تفاسير ابن كثير ، الشنقيطي ، الطاهر بن عاشور ] ، وأعلنها محمد رشيد رضا في تفسيره تفسير المنار : ((..ولولا السنة لكان لذاهب أن يذهب إلى أن الآية التي نفسرها خصصت الزانية الحرة بالمحصنة للمقابلة فيها بين الإماء اللواتي أحصنّ وبين المحصنات من الحرائر وقد تقدم تفسيرهم لقوله تعالى: ﴿ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾ بالحرائر المتزوجات ولكنهم لأجل ما ورد في السنة فسروا المحصنات في هذه الآية بالحرائر غير المتزوجات )) ، فالآيات صريحة في كون المحصنات هنا هن المحصنات بالزواج ، لكن الروايات وما زعم من عقوبة آية الرجم التي أكلتها الشاة ، تم تحريف المعنى . وكل المفسرين غير أبي ثور ذكروا أن العقوبة هي 50 جلدة ، وأشكل عليهم موضوع أن الرجم لا ينصف ، فاختاروا العقوبة التي يمكن تنصيفها ! دون التحقق من عقوبة المحصنات الحقيقية بسبب الروايات .
فيما يسمى الناسخ والمنسوخ – وفلسفته أنه هناك آيات ضاعت وتناقض في بعض الآيات – وردت آية " والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " وقد رفض أبو مسلم الأصفهاني المعتزلي ومحمد الغزالي ومحمد الخضري بك ومحمد محمود ندا وعبد المتعال الجبري وحسام رشيد الغالي و وأحمد حجازي السقا وعدنان إبراهيم وحسن فرحان المالكي موضوع الناسخ والمنسوخ ، وقد تم الزعم أن آية الرجم أكلتها الشاة فيما رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني . وكان هناك إشكال مطروح ، هل رجم الرسول ص قبل نزول سورة النور أم بعدها ؟ كما في البخاري ومسلم . وممن رفض الرجم الخوارج والقرآنيون وأبو مسلم الأصفهاني المعتزلي ومحمد أبو زهرة ومحمود شلتوت ومحمد الغزالي ومصطفى محمود وأحمد شلبي ومحمد مختار الشنقيطي والحسن الترابي وحسني المتعافي وأحمد ماهر وعدنان إبراهيم [ راجع موضوع الرجم ] . لقد تكفل الله بحفظ الوحي ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر:9] ، ولا يوجد فيه تناقضات ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ﴾  [النساء:82] ، ولا يلزمنا غير الوحي .

الزنا : مر معنا سابقاً أن العرب لا تسمي المخادنة زنا والأحناف لا تسمي البغاء زنا ، وفي اليهودية والمسيحية لا يسمون الزنا إلا في الخيانة الزوجية ، وكانت الوصية العاشرة من الوصايا العشر في التوراة " لا تَشتَهِ امرَأَةَ قَريبِكَ " وفي ترجمات أخرى " لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ غَيْرِكَ " و " لا تشتهِ زَوجةَ أحدٍ " [سفر الثنية 5 : 21 ] وهو ذات معنى ﴿ وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا  ﴾ [ طه :131 ] وفي الحديث " ليس منا من خبب امرأة على زوجها " [أبو داود] وفي رواية " من أفسد امرأةً على زوجِها فليس منا " [البيهقي] وفي ألفاظ أخرى " أيُّ الذَّنبِ أعظمُ ؟ قال : الشِّركُ أن تجعَلَ للهِ نِدًّا ، وأن تُزانيَ بحليلةِ – زوجة - جارِك ... " [النسائي وورد في البخاري ومسلم ]، وفي المسيحية لا يقع الطلاق إلا لعلة الزنا . في هذا السياق نزلت آيات سورة النور : ﴿ [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ] فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * [الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ] وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ  * وَالَّذِينَ [ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ] ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا [بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء] فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  * وَالَّذِينَ [يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ] وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ [ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ ] بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ  * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ  * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ  * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ * وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ  * إِنَّ الَّذِينَ [[ جَاؤُوا بِالإِفْكِ ]] عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ  * .. لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ [[ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء ]] فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ... إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ  * ...إِنَّ الَّذِينَ [[ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ]] الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ  ﴾ [النور: 2-24 ] .

هل الزنا ممارسة جنسية بين أي رجل وامرأة ، فتكون المخادنة زنا والمسافحة زنا والبغاء زنا ، وهي فواحش يقوم بها العزاب الغير محصنين بعقد نكاح ، والخيانة الزوجية أيضاً زنا ؟ أم أنه لا ترادف في القرآن فلا يمكن التعبير عن المخادنة بالمسافحة ، ولا البغاء يمكن أن يطلق على المخادنة ، فكل مصطلح يعبر عن حالة مستقلة بذاتها . لنحاول فهم مصطلح الزنا من خلال السياق :
بدأت الآيات بالحديث عن الزاني والزانيه وهو مصطلح يعرفه من نزل عليهم القرآن ، ثم تحدثت عن العقوبة وهي مئة جلدة ، وأتبعت ذلك بالحديث عن كون الزاني لاينكح إلا زانية أو مشركة والعكس ، ثم حددت عقوبة قذف المحصنات . فما المقصود بالمحصنات هنا ؟ هل تعني المحصنة فرجها العفيفة أم تعني المحصنة بعقد نكاح وهنا تعني المتزوجات ؟ يقول محمد رشيد رضا في تفسره تفسير المنار أن الإحصان يقصد به المحصنة البكر والمحصنة بزوج ولا يشمل ذلك الثيب أرملة كانت أو مطلقه ، فهل رمي الثيب خارج عن رمي المحصنات أم أن المحصنات حصراً يقصد بهن المتزوجات . قلنا سابقاً إن لم يكن هناك قرينة فالمعنى هو المحصنات بالزواج ، وأكملت الآية في نفس السياق والمعنى ﴿ وَالَّذِينَ [ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ]+ وَالَّذِينَ [يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ] ﴾ ففي الأولى رمي المحصنات المتزوجات عموماً والثانية من يرمي زوجته . ثم تكررت الآيه ﴿ وَالَّذِينَ [يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ] ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا [بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء] فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  *﴾ + ﴿ إِنَّ الَّذِينَ [[ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ]] الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ  ﴾ فما الفرق بين رمي المحصنات في الآية 6 ورمي المحصنات في آية 23 ؟ . الفرق أنه في الآية الأولى يمكن أن يتوب القاذف ، بينما في الآية الثانية لا توبة للقاذف ، والسبب أن الآية الثاني أتت بعد ﴿ إِنَّ الَّذِينَ [[ جَاؤُوا بِالإِفْكِ ]] عُصْبَةٌ مِّنكُم.. لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ [[ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء ]] فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ .. ﴾ فالحديث عن حادثة الإفك واتهام زوجات النبي ص بالفاحشة ، فالمحصنات في الآية الثانية هن زوجات النبي ص ، لذلك لا توبة لمن قذفهن . ويمكن جمع الآيات ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ( المتزوجات ) + وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ  + إِنَّ الَّذِينَ  يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ( زوجات النبي ) ﴾. الشاهد مما سبق أن حد الزنا وهو الخيانة الزوجية 100 جلدة . وبما أنه تحدثنا عن زوجات النبي ص  فإنه قد وقع تهديد لزوجات النبي ص إن أتين بفاحشة ﴿ يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ [[بِفَاحِشَةٍ]] مُّبَيِّنَةٍ [[يُضَاعَفْ]] لَهَا [[الْعَذَابُ]] ضِعْفَيْنِ ﴾ [الأحزاب:30]، هنا عقوبة الفاحشة مضاعفة : فما هي العقوبة ؟ وما هو ضعفها ؟ ، وكما أشكلت قضية نصف الرجم ! أشكلت قضية ضعف الرجم ! وقد تعجب الماتريدي في تفسيره تأويلات أهل السنة من أنه : (( كيف يعرف ضعف الرجم في الدنيا ))  ؟! ، لذلك أوجدوا المخرج بكون العذاب المضاعف يكون في الآخرة ! ، فهل عقوبة المحصنات بالزواج الرجم أم الجلد ، لنقارن تلك الآية مع آية ﴿ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ [[بِفَاحِشَةٍ]] فَعَلَيْهِنَّ [[نِصْفُ]] مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ [[الْعَذَابِ]] ﴾ نخلص إلى أن عقوبة المحصنة بعقد نكاح زواج 100 جلدة ، وعقوبة المحصنة بعقد نكاح ملك يمين 50 جلدة ( نصف عقوبة المحصنات بالزواج ) ، وعقوبة المحصنات بالزواج من النبي ص 200 جلدة ( ضعف عقوبة المحصنات بالزواج ) .
وهنا نعيد شرح معنى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة التي هي إشكال في كل كتب التفاسير : ﴿  [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي] فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * [الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ] وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ  * ﴾  العرب لا تسمي المخادنة زنا ، ولا البغاء زنا عند أبوحنيفة ، ولا نكاح المتعة زنا عند المذاهب السنية الأربعة ، وكذلك في اليهودية والمسيحية ليس الزنا إلا الخيانة الزوجة ، والطلاق في المسيحية لعلة الزنا ، وفي السياق تعرفنا على أن المحصنات تعني المحصنات بالزواج ، وفي حالة زوج اتهم زوجته ، يقوم بالشهادة[[أربع شهادات]] كناية عن الأربع شهود الذين يشهدون على زوجات الآخرين بالزنا ، ثم تتم عملية ما يسمى اللعان و [[يتم التفريق]] بينهما. نعود لسياق الآية فالحديث عن الذي وقع في الزنا ، وحدثت خيانة زوجية ، ووجد [[أربع شهود]] ، وتمت المعاقبة بالجلد مئة جلدة ، وشهد الناس تلك العقوبة ،  فإن الأمر يقتضي [[التفريق]] بين الزاني الخائن وزوجته أو الزانية الخائنة وزوجها ، والدليل قوله تعالى في أول آيات سورة الطلاق ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ [[لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ ]]إِلاَّ أَن يَأْتِينَ [[بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ  ]] ﴾ [الطلاق:1]، وبالطبع باب التوبة مفتوح ﴿ وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ [[وَلا يَزْنُونَ]] وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * [[إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ]] وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * [[وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ]] [ الفرقان : 68-71 ] ، لكن ذلك الذي أقيمت عليه العقوبة ولم يتب ، فمن يقبل بأن يتم معه عقد نكاح  فإنه زان مثله فهو يقبل بتعدد العلاقات ويمارس تعدد العلاقات خارج الزواج ، وإن لم يكن مثله يقبل بتعدد العلاقات ولا يمارسها إلا أنه ارتبط بشخص سمح له بتعدد العلاقات والخيانة الزوجية لذا فهو شريك في الزنا . لذا يمنع على المؤمن أن يقبل نكاح من أقيم عليه الحد وتم تفريقه ولم يتب .
في الختام نجد أنه لا حد " عقوبة منصوص عليها " في ممارسة الفاحشة على الأعزب والعزباء الغير محصنين بعقد نكاح ، لا في المخادنة ولا المسافحة ولا البغاء ، نعم هناك عقوبة تعزيرية عندما تكون الممارسة علنية وبوجود أربعة شهود، أما من يرغب باقتراح عقوبة تعزيرية على تلك الفواحش دون وجود الشهود فالأمر راجع للمجتمع وسن قوانين تناسب عاداتهم وتقاليدهم لكن لا ينسب ذلك للوحي ، فالوحي صالح لكل زمان ولكل مكان ولكل المجتمعات ، الوحي حصر الحد بمن انتهك رباط مقدس وقام بالخيانة بعدما أحصن بعقد نكاح زواج أو ملك يمين . [سوف يتم نشر هذا البحث بالتفصيل في الكتاب الثاني " أنواع الجنس المحرم " من ثلاثية الجنس في الوحي ] أبو إلياس سويد @sweid1













 



ليست هناك تعليقات: